عُرفت الحضارة العُمانية عبر فترات التاريخ القديم بريادتها البحرية وصلاتها التاريخية الوثيقة مع حضارات العالم القديم، كما كانت في فترات أخرى قوة بحرية وسياسية وتجارية وثقافية مؤثرة، وقد حظي التراث الثقافي المادي وغير المادي لسلطنة عُمان بصون واهتمام متواصلين منذ انطلاق مسيرة النهضة العُمانية الحديثة، إيمانًا به كمكون أساسي للهُوية الوطنية العُمانية. وتروي كتب التاريخ توافد قبائل عربية عديدة إلى عُمان والاستقرار فيها منذ القدم، وتذكر المصادر التاريخية أن أولى الهجرات الكبرى هي التي كانت بقيادة مالك بن فهم الأزدي في نهاية القرن الميلادي الأول.
قيل إن الأزد سمت عُمان عُماناً لأن منازلهم كانت على وادٍ لهم بمأرب يقال له عُمان فشبهوها به، ومن أقدم المؤرخين الرومان الذين ذكروا عُمان بهذا الاسم يلينوس الذي عاش في القرن الأول للميلاد، وقد ورد هذا الاسم عند بطليموس الذي عاش في القرن الثاني للميلاد، ويظن جروهمان أن عُمانه المذكورة عند هذين المؤرخين هي صحار التي كانت تعد المركز الاقتصادي الأكثر أهمية في المنطقة في العصر الكلاسيكي. وعرفت عُمان بأسماء أخرى:
في 23 يوليو 1970 م، أشرق فجر جديد على عُمان بتولي صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد - رحمه الله - مقاليد الحكم، ومعه بزغ فجر النهضة العُمانية الحديثة فاستعادت ماضيها العريق وشقت طريقها إلى المجد، لتتبوأ مكانتها المرموقة بين دول العالم؛ إذ أرسى - رحمه الله - دعائم النهضة الحديثة القائمة على تنمية متوازنة ومستدامة، وفي 11 يناير 2020 م انتقلت راية الحكم إلى حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - بسلاسة ، خلفًا للسلطان قابوس -رحمه الله - ، عمل السلطان هيثم منذ البدايات الأولى لعهده المجيد على إرساء قاعدة اقتصادية راسخة تهيئ البيئة الملائمة لتطوير بقية قطاعات التنمية، كما أولى جلالته عناية خاصة بالشباب، وارتسم ثوابت سياسة سلطنة عُمان الخارجية القائمة على التعايش السلمي بين الأمم والشعوب وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير واحترام سيادة الدول.
ولد حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - في مدينة مسقط في الحادي عشر من أكتوبر عام 1955. تلقى جلالته تعليمه الابتدائي في المدرسة السعيدية بمسقط، والتحق بعد ذلك بإحدى المدارس اللبنانية "برمانا العليا" في المرحلة الإعدادية، وتوجه إلى المملكة المتحدة لمواصلة دراسته الثانوية، ومن ثم الجامعية في إحدى أعرق جامعات العالم، وهي جامعة أكسفورد تحديدًا في كلية بيمبروك.
لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم اهتمامات واسعة؛ منها الرياضة، وترأس أول اتحاد عُماني لكرة القدم خلال الفترة من عام 1983 إلى عام 1986، وهي المرحلة التي شهدت تأسيس الكثير من الجوانب التنظيمية في عمل كرة القدم والأندية الرياضية في سلطنة عُمان، وخلال هذه المرحلة الزمنية، استضافت البلاد بطولة كأس الخليج السابعة. كما ترأس جلالته اللجنة المنظمة لدورة الألعاب الآسيوية الشاطئية الثانية التي استضافتها عُمان في عام 2010.
حصل جلالة السلطان المعظم خلال مسيرته العملية على أوسمة سلطانية عدة، ففي مارس من عام 2001 حصل على وسام الشرف الكبير للخدمات المقدمة من جمهورية النمسا، وفي ديسمبر من عام 2006 حصل من المملكة العربية السعودية على وشاح الملك عبد العزيز من الطبقة الأولى. كما حصل في نوفمبر 2010 على وسام الفارس الفخري الكبير للصليب الملكي الفيكتوري من المملكة المتحدة، واستلم وسام الرسوخ من السلطان قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه – في الفترة نفسها، إضافة إلى وسام آل سعيد، ووسام عُمان، ووسام النهضة العُماني.
تولى السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ أعزه الله ـ خلال مسيرته العملية مناصب عدة؛ كوكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية (1986-1994)، ثم أمين عام وزارة الخارجية (2002-1994)، ثم وزير التراث والثقافة (2002-2020)، كما تولى جلالته ـ رعاه الله ـ رئاسة العديد من اللجان أهمها اللجنة الرئيسية للرؤية المستقبلية عُمان 2040. وفي 11 يناير 2020 وبانتقال سلس للحكم، تولى حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ مقاليد الحكم في البلاد، خلفًا للسلطان قابوس بن سعيد بن تيمور - طيب الله ثراه -.
ولد السلطان قابوس بن سعيد رحمه الله في السابع عشر من شهر شوال عام 1359 هـ الموافق الثامن عشر من نوفمبر 1940 في مدينة صلالة بمحافظة ظفار، وهو السلطان الثامن لعُمان في التسلسل المباشر لأسرة آل بوسعيد التي تأسست على يد الإمام أحمد بن سعيد في عام 1744م .
بدأ جلالة السلطان قابوس ـ رحمه الله ـ أولى مراحل تعليمه في عُمان، ومن ثم أرسله والده السلطان سعيد بن تيمور في سبتمبر سنة 1958 م إلى ( إنجلترا) لإكمال تعليمه؛ إذ أمضى عامين في مؤسسة تعليمية خاصة في ( سوفولك ) والتحق بعدها في عام 1960 م بأكاديمية ساند هيرست الملكية العسكرية كضابط مرشح تخرج منها بعد سنتين لينظم جلالته إلى قيادة إحدى كتائب المشاة البريطانية العاملة آنذاك في ألمانيا الغربية وهي (الكتيبة الأولى ـ الكامرونيون سكوتش رايلفز) لمدة ستة أشهر ، وبعد ذلك التحق بدراسة نظم الحكم المحلي وشؤون الإدارة، ثم قام بجولة حول العالم للتعرف على أنظمة الحكم والقيادة المختلفة، .وفي عام 1964 م عاد إلى عُمان ، وكان يمضي معظم أوقاته في الاستزادة من علوم الشريعة الإسلامية وحضارة وتاريخ عُمان.
لجلالة السلطان قابوس هوايات واهتمامات متنوعة؛ فهو فارس ماهر مهتم بالخيل وبعض الرياضات كالرماية والمشي والتنس، وتعد القراءة من اهتماماته؛ لا سيما في كتب التاريخ والسياسة والعلوم ، واهتم - رحمه الله - كذلك بالتصوير الفوتوغرافي، والموسيقى، وعلم الفلك ومراقبة الكواكب، كما أنه أولى عناية خاصة بالبيئة العُمانية.
قدم جلالته - رحمه الله - إسهامات ثقافية وحضارية في مجالات عدة كالبيئة والثقافة والفنون والآداب والعمل التطوعي والمجالات العلمية المختلفة، وذلك على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وله جهود مشهودة على المستوى العالمي لتعزيز قيم التسامح والتعايش السلمي بين دول العالم؛ ومنها الإعلان عن مشروع السلطان قابوس للمؤتلف الإنساني في 16 من نوفمبر 2019 م.